في ظل انتشار برامج تلفزيونية مثل Shark Tank، التي تُسلط الضوء على ريادة الأعمال وجذب الاستثمارات، برزت تساؤلات حول مدى ملاءمة هذه المنصات لدعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا والإبداع. يرى خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الدكتور هشام عبد الغفار، أن هذه البرامج قد لا تكون الخيار الأمثل لرواد الأعمال في هذه القطاعات المتخصصة.
بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في تأسيس وإدارة شركات التكنولوجيا الناجحة في مصر، يقدم لنا عبدالغفار رؤية شاملة ومهمة حول تحديات تمويل شركات التكنولوجيا الناشئة، وكيفية البحث عن بيئة استثمارية مناسبة لدعم الابتكار.
وضعنا آراءه على تطبيقات الذكاء الصناعي، فأجرت معه الحوار الخوار التالي:
شركات التكنولوجيا والإبداع ليست مكانها Shark Tank… أين الحل؟
– مؤخرًا، صرّحتم بأن برامج مثل Shark Tank ليست البيئة المناسبة لتمويل شركات التكنولوجيا الناشئة. لماذا؟
الحقيقة التي يجب أن يدركها رواد الأعمال، خصوصًا أصحاب المشاريع الناشئة، هي أن هذه البرامج تخدم أهدافًا ترفيهية أكثر من كونها منصات استثمارية جدية، خاصةً لشركات التكنولوجيا. كشخص له خبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في هذا المجال، وأسس ثلاث شركات ناجحة في مصر والولايات المتحدة، أستطيع التأكيد أن هذه البرامج غالبًا ما تلائم الشركات التقليدية أو الصغيرة والمتوسطة أكثر من دعمها للشركات الناشئة القائمة على الابتكار.
التكنولوجيا تحتاج إلى استثمار متخصص… لا مكان للسطحية!
– ما أبرز الأسباب التي تجعل هذه البرامج غير مناسبة لشركات التكنولوجيا؟
بالتأكيد. هناك عدة أسباب رئيسية:
- عدم فهم العمق التكنولوجي:
شركات التكنولوجيا، خصوصًا العاملة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي (AI) أو التقنيات العميقة (Deep Tech)، تحتاج إلى مستثمرين لديهم فهم عميق بالتقنيات المعقدة. في كثير من الحالات، المستثمرون في Shark Tank ليست لديهم هذه الخلفية، مما يجعلهم غير قادرين على تقييم المشاريع بشكل صحيح. - الترفيه هو الهدف الأساسي:
البرامج تُنتج أساسًا للترفيه. الصفقات التي نراها على الشاشة غالبًا ما تكون مجرد عرض. في الواقع، العديد من هذه الصفقات تفشل في التنفيذ بعد انتهاء التصوير. لدي أمثلة لطلاب حصلوا على تمويل أمام الكاميرات، لكن عند التنفيذ انتهى الأمر إلى لا شيء. - تقييمات غير واقعية ومبالغ محدودة:
المبالغ المقدمة في هذه البرامج لا تناسب احتياجات شركات التكنولوجيا، التي غالبًا ما تحتاج تمويلًا أكبر لفترات أطول. التقييمات المعروضة أيضًا تكون أقل من التقييمات السوقية المعتادة. - غياب الفهم لاستراتيجيات الاستثمار الجرئ:
شركات التكنولوجيا تُقيَّم بناءً على قيمتها المستقبلية، لكن Sharks غالبًا ما يرفضون استخدام استراتيجيات عالمية مثل discounted cash flow لأنها تعتمد على الأرباح المستقبلية. هذا يفسر لماذا نرى مفاوضات غريبة، مثل مطالبة مستثمر باسترداد أمواله أو الحصول على أسهم إضافية إذا تراجعت المبيعات، دون تقديم أي حافز إضافي إذا تجاوزت المبيعات التوقعات.
الاستثمار الجرئ هو الحل: كيف تنجح شركات التكنولوجيا؟
– ما البديل المثالي لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا؟
البديل الأفضل هو التوجه إلى شركات رأس المال المخاطر (VCs) أو المستثمرين الملائكة (Angels). هؤلاء المستثمرون لديهم خبرة وفهم أعمق لاحتياجات القطاع التكنولوجي. ليسوا فقط مصدرًا للتمويل، بل يقدمون دعمًا من خلال شبكاتهم وخبراتهم العملية.
أيضًا، أدعو منتجي البرامج مثل Shark Tank إلى تجربة دمج مديرين من صناديق الاستثمار المخاطر ضمن فريق المستثمرين. هذا قد يوضح للجميع الفرق في العقليات والنهج بين المستثمرين التقليديين والمتخصصين في التكنولوجيا.
التكنولوجيا ليست للاستعراض أمام الكاميرات!
– كلمة أخيرة لرواد الأعمال المتخصصين في التكنولوجيا.
لا أعارض ظهوركم في برامج مثل Shark Tank، لكن بشروط:
- اعتبروا هذا الظهور كفرصة دعائية لمنتجاتكم أو خدماتكم.
- لا تعتمدوا على هذه البرامج كمصدر رئيسي للتمويل.
- ركزوا على جذب المستثمرين المتخصصين في مجالكم بعد ذلك.
التكنولوجيا والإبداع بحاجة إلى دعم حقيقي من مستثمرين يفهمون طبيعة هذا المجال، وليس مجرد استعراض أمام الكاميرات.